حديث خرافة إلى مصطاف ومصطافة

 

fille-nue

 

حدّث جار الله المكيّ قال :

صدق من قال: حرّ المصيف وكَرَبُ الخريف وبرد الشتاء وحسنُ زمان الربيع ! فها هي رحال المسلمين تُشَدُّ إلى الشطآن، وما عهدنا الرّحالَ تُشَدُّ إلاّ إلى ثلاثة: المسجد الحرام ومسجد رسول اللّه والمسجد الأقصى.

بيْن أيدي هؤلاء الظاعنين هذه الكلمات من حديث خرافة نؤدّي بها واجب النصيحة.

أيّهما أفضل للمرء وأرضى لربّه: أنْ يقضي الصيف على شواطئ إسكندريّة مصر أو حمّامات تونس أم يقضي المصيف مجاورا بيت اللّه على شاطئ الأمان في البلد الحرام؟ بين أيدي الظاعنين دعوة قبل التفرّق إلى مصيف آخر. مصيف هو الأصل في المصايف وغيره الفرع. دعوة إلى قضاء صيف هذا العام في الكعبة. نعم في كعبة القصّاد ومهوى الأفئدة والأكباد !

 

أخي في اللّه..أختاه..

 

ألا أدلّكما على تجارة لا تبور؟ دعكما من شواطئ العراة في تونس والمغرب ولبنان. وذرا الدنيا جنّة الكفّار. وهيّا نقض لبانة الدار الباقية. من أراد اصطيافا يجمّ الروح ويروّح عن النفس، ولكنّه لا يغضب اللّه فأدعوه إلى أن يشدّ الرحال إلى ما تشدّ إليه الرحال: بيت اللّه !

ثَمَّ ريحٌ من الجنّة. ثَمَّ الحجر الأسود، والركن اليمانيّ، وزمزم، وحجر إسماعيل، ومقام إبراهيم. قال تعالى: ” وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا..”، وقال رسول اللّه: ” الحجر الأسود من الجنّة..”.

أجِمّوا نفوسكم لتنشط في عبادة ربّ العالمين، ولا تجمّوها في شواطئ العراة. فما تصنع أخت محجّبة وسط المتبرّجات والعصاة العراة؟ ما تصنع حفيدة هاجر وعائشة الحميراء وحفصة على شواطئ الإسكندريّة وسوسة والحمّامات؟ تقولون: كيف نجاور بيت اللّه في حرّ يفوت 55 درجة؟ أقول: وما هي حرارة دنياكم هذه أمام حرارة الباقية؟ أشدّ المعاصي ترتكب في المصايف، فإياكم والمصايف. ألا إنّ المصيف تذكرة بالنار. روى البخاريّ عن أبي هريرة قال صلّى اللّه عليه وسلّم: ” اشتكت النار إلى ربّها فقالت: يا ربِّ. أكل بعضي بعضي.فأذن لها بنفْسيْن، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ وأشدّ ما تجدون من ‏ ‏الزمهرير..”.

 

ما ناركم هذه إلاّ جزءٌ من سبعين جزء من نار جهنّم. ليكن الصيف كما جعل أوّل مرّة: تذكرة على تبدّل الأحوال وتصرّم الآجال !

 

أختاه !

ماذا عساك تصنعين لو حضر إليك ملك الموت يريد أن يقبض روحك ( !!)، وأنت على الشاطئ وسط العراة ؟ فبم ستلقيْن وجه ربّك؟

 

أخي في اللّه !

هل ماتت في قلبك الغيرة؟ وأنت وأهلوك على شواطئ العراة؟ لم لا تستبدل سياحة الكافرين بسياحة أبقى: عمرة، أو صلة رحم، أو رحلة لطلب العلم من صدور الرجال؟ أهذا زمان لهو وسباحة، والأمم تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. ومتى كان المصيف، بربّكم، فرضا أو سنّة؟

قد تقولون: ولِم خُلق البحر، إذنْ؟ خُلِق البحر لنركب ظهره ونبلغ بلادا ندعو أهلها إلى دين الحقّ!

خلق البحر لنستخرج من أعماقه لحما وحليا.

خلق البحر ليكون آية على عجيب صنع الخالق الوهّاب مؤيّس المؤيّسات ولا أيسَ !

 

أخي في اللّه ! إنْ كان لا بدّ من لهو مباح منضبط بالشريعة فلا بأس من أيّام قليلة تستخيرون اللّه فيها قبل السفر إلى خلاء يناسبك ويناسب أولادك ونساءك ( مثنى وثلاث ورباع ) ومحارمك بعيدا عن مزاحمة الناس. وليكن الخميس يوم السفر، ويستحبّ لكم التبكير. ولتكونوا، ما وسعكم، في جماعة من المؤمنين رجالا ذوي لِحًى وبأس ونساء محجّبات منقّبات، ولا تنسوا أن تؤمّروا أحدكم، ذلك خير لكم أنْ تختلفوا.

إخوتي في اللّه.. لا تنسوا دعاء السفر، ولتصدحوا بالأذان في الخلاء، ليشهد لكم به الصخر والتراب والرمال والهوامّ. واتّخذوا من الأربعين النوويّة ومتن العقيدة الطحاويّة مؤنة أيّام المصيف.

 

إخوتي في اللّه.

لقد استخرت اللّه لي في أويقات أنفقها في ذكره وتأمّل بديع صنعه، وأهدي فيها إلى مكارم الأخلاق، فأذن لي بها على شواطئ يقال لها شواطئ القنطاوي ذكرها الحموي صاحب ( معجم البلدان ) في سوسة التونسيّة المحروسة. أسأل اللّه لي ولكم حسن المآب، فالسفر كان مظنّة للمشقّة والوعثاء وقطعة من العذاب. أوَليس فيه فُرقة الأحباب؟

رد واحد

  1. صدقت والله حفضك الله ورجو تزودنا بالجديد عبر الاميل شكرا

أضف تعليق